وقد يَختلِف تعبيرُ الرؤيا نفسها من شخْصٍ إلى آخر، بِحسب القرائن التي تصحَب هذه الرؤيا، من حال الشخص وسِماته؛ لذلك فلا يُمكن الاعتِماد على كتُب التَّفسير، وقد ذُكِرَ عنِ ابن سيرين: أنَّه جاءه رجلٌ فقال له: رأيتُ أنِّي أؤذِّن، فقال له: "ستحجُّ إن شاء الله"، وجاءه آخَر فقال: رأيت أني أؤذِّن، فقال له: "لعلَّ في نيَّتِك أن تسرق"، فقيل له في ذلك، فقال: "أمَّا الأوَّل، فرأيْت في وجهه نورَ الطَّاعة، فتذكَّرتُ قوْل الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27]، وأمَّا الآخر، فرأيتُ على وجهِه سوادَ المعصية، فتذكَّرت قولَ الله تعالى: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: 70]".

قال الدرديري في "الشرح الصغير": "والعِلْم بتفسير الرُّؤيا ليس من كتب، كما يقع للنَّاس من التفسير من ابن سيرين، فيَحْرُم تفسيرُها بما فيه، بل يكون بفهْمِ الأحْوال والأوْقات، وفراسة وعلم بالمعاني".

وجاء في "الفواكه الدواني" للنفراوي المالكي: "ولا يَجوزُ له تعبيرُها بِمجرَّد النَّظر في كتاب، كما يفعله بعض الجهلة، يكشف نحو ابن سيرين عندما يقال له: أنا رأيت كذا، والحال أنَّه لا عِلْم له بأصول التَّعبير، فهذا حرام؛ لأنَّها تَختلِف باختِلاف الأشخاص والأحوال، والأزْمان وأوْصاف الرَّائين، فعِلْمها عويصٌ يَحتاج إلى مزيد معرفةٍ بالمناسبات".